الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

الكتابة على الجدران بين سريالية المشهد و نوعية الظاهرة



تعد الكتابة على الجدران ظاهرة اجتماعية حديثة انتشرت في معظم البلدان العربية و بالأخص في بلادنا حيث أضحت معظم مدننا و أحيائنا الشعبية و شوارعنا ارئيسية لوحة كاريكاتورية لمختلف أنواع و أشكال الكتابات و الرسومات الحائطية، و يختلف الكثيرون حول سلبية و ايجابية الظاهرة ، فالكتابة على الجدران تعبير عما يختلج في النفس حيث يرى " جابر مدون " أنها ظاهرة سلبية تثير التقزز و الإشمئزاز لمنظر الجدران المليئة بالكتابات التي غالبا ما تكون غير أخلاقية، و يسانده في ذلك " يوسف محامي " الذي يعتبر هو الآخر أن الكتابة على الجدران ظاهرة سلبية عبارة عن مكبوتات نفسية، أما من الناحية القانونية فيؤكد أنهه لا يعاقب عليها القانون إلا إذا كانت تمس بالنظام العام أو العقيدة الدينية، و ما عدا ذلك فلا تتعدى أن تكون مخالفة فقط.

أما القاص والأديب " عيسى بن محمود " فيرى أنها طريقة تعبير لمن ضاقت بهم سبل التعبير العادية، و لم تستوعب آرائهم اذ كثيرا ما تكون خارجة عن المألوف لا سيما من حيث اللفظ المستخدم ، و هي ظاهرة بحاجة إلى دراسة عميقة.

في حين نجد " شعيب طالب جامعي " يرى أن الظاهرة ايجابية لأن الشاب يعبر من خلالها عن شعوره لعدم رضاه عن الواقع المعاش، و عدم وجود أماكن تلرفيهية ، و عن سؤالنا حول معاقبة القانون لهذا الفعل فهو يرى أن هناك جرائم أكبر يتستتر عليها القانون مقارنة بمجرد كتابة على حائط.

كما يسانده الرأي " محمد تاجر " الذي يعتبر الظاهرة تعبير عن شعور نفسي خاصة إذا كان الكلام المكتوب مقبولا دون المساس بشخصية الآخرين حتى أنه يعتبرها مثل الكاريكاتور الذي نتصفحه كل يوم في جريدة ، فالشاب يعبر عن مشاكله اليومية مثلا في هذه الأيام عن أزمة الحليب برسمه كيس حليب و طوابيرالناس عليه.

كما أنه يعتبر أنه لكل مقام مقال فالجامعة يكتب على حائطها الظواهر التي تحدث بداخلها، و المؤسسة الإستشفائية عن سوء الخدمات المقدمة فيها ... الى غير ذلك، كما أنها تخليد لذكريات على مكان مر به يوما ما فبمجرد العودة إلى ذلك المكان ووجود تلك الكتابات شاهدة فهذا حسب رأيه دائما شيء يدعو للإرتياح و الفرح، فالشاب يعبر عن مشاكله التي لم يجد لها حلا و التي لم ينصت أو يهتم بها المسؤولون، فما الضرر حسب رأيه في كل هذا و في نفس الوقت يستاء من بعض الكتابات المشينة.

لقد أثبتت بعض الدراسات أن معظم الكتابات الحائطية تصدر من شباب ضاقت بهم السبل يعبرون كيفما شاءوا عن مشاكلهم اليومية : الحراقة، أزمة السكن، البطالة ، الفشل في الحب... الخ ، و مؤخرا التغني بانتصارات الفريق الوطني و تأهله لكأس العالم حيث أضحت معظم شوارعنا تسودها أعلام وطنية و كأس رمزية، فهي ان كانت من الناحية النفسية عبارة عن مكبوتات يفرغها الشاب ، فانها من الناحية الإجتماعية تتعدى ذلك كونها أصبحت ظاهرة تستوجب الدراسة و البحث في أعملقها و معرفة أسبابها و طرق تفشيها ، حيث لا يختلف اثنان أن الشاب الجزائري يعاني من عدة مشاكل اجتماعية لا يجد لها حلا و لا حتى صوتا ليسمعها، فيلجأ الى هاته الكتابات كأضعف حل يستطيع فعله، فهو مثلا لا يستطيع أن يناصر غزة و لو بخروجه الى الشارع فيعبر عن رأيه عن القضية الفلسطينية بكتابات حائطية معبرة، و يعبر عن بطالته و استيائه مما وصل إليه التعفن الإداري ، و بعبوره البحر إلأى الطرف الآخر " أعطونا الفيزا " " حراقة " ... الخ ، اضافة إلى عدم وجود أماكن للترفيه و دور الشباب لكن هذا لا يعطي الحق للشباب أن يعبروا عن نفسياتهم بطريقة لا أخلاقية من كتابات حائطية مشينة تدعو للإستياء و المساس بشخصيات الآخرين ككتابة أسماء مرفوقة بأرقام هواتف ، أو كلام بذيء غير أخلاقي .

و لمعالجة هذه الظاهرة يجب اتحاد جميع القوى الفاعلة في المجتمع ابتداء من السلطة الأعلى إلى الأسرة، المدرسة، الجمعيات ، مع الأخذ بعين الإعتبار أن الشاب بحاجة إلى المساعدة مادام يلجأ إلأى مثل هذه التصرفات و أقترح بعض النقاط:

- التوعية عبر وسائل الإعلام ، مع تخصيص مساحات اعلامية للشباب ( و التي تنعدم للأسف ببلادنا ).

- فتح فضاءات للإبداع في كل الأحياء دون استثناء ( تتوفر في المدن الكبرى و تغيب للأسف بالأحياء الشعبية ).

- دراسة الظاهرة دراسة موضوعية بالبحث عن الأسباب و الدوافع ( ستظل مجرد ظاهرة للأسف لغياب روح المسؤولية من مسؤولينا ).

- بناء جدار في كل حي مخصص لهذا الغرض فالرسم على الجدران فن قائم بذاته "فن الجداريات " فن قائم بذاته ، و هكذا يصبح للشاب فضاء رسمي للتعبير عن انشغالاته اليومية التي لا يستطيع نقلها للمسؤولين بصفة رسمية.

- و مهما يكن من كون الظاهرة سلبية أو ايجابية فهي ظاهرة اجتماعية لها أسبابها و دوافعها ، و لا يمكن تغاضيها أو اهمالها.

الأربعاء في 2010.11.22

الاثنين، 22 نوفمبر 2010

همسات طفولية:



مررت على باب طفولتي ... أستأذنها قبل الدخول، أسأل جدرانها و أثاثها ... عن سر هذا الخذول، مررت عل باب طفولتي ... و لم أستطع الدخول... فهي لم تعد لي و ساكنها أضحى مجهول ... يدفعني ... يطردني لا يريدني أن أتقرب حتى إلى بابها.

مررت بجنبها ...تأملت حيّها، و أمعنت النظر في هندستها، حيّيت جيرانها...لكن إليها لم أستطع الدخول.

لماذا ؟ ألم يكن ذاك البيت بالأمس ملك لعائلتي ... كيف لم يعد كذلك اليوم؟ أدخل في حارتها أشم رائحة الخبز الذي كانت تعده أمي و من قبلها جدتي، نظرت إلى أعمدة البنايات التي كانت بالأمس في الأرض و اليوم أضحت شاهقة في السماء ، ما ان وضعت قدمايا على أرضها أحسست برجفة في جسدي تذكرني أيام كنت أصول و أجول في ذاك الحي و بالأخص في ذاك البيت البيت الذي خرجت منه لأول مرة إلى المدرسة و الثانوية، و الجامعة، البيت الذي كنت أعود إليه كل مساء باشتياق، و اليوم لم يبقى منه إلا ذكرى من ذكرياتي بل هي كل ذكرياتي فأنا مذ غادرته لم تعد لي ذكريات.

دخلت حارتي جاءني صوت جدتي و هي تناديني يا بنية تعالي حان وقت الدخول إلى المنزل و أنا منهمكة في اللعب مع الأطفال لعبة الغميضة أو لامارين.

سمعت صوت خالتي فاطمة، و فطومة، عائشة و كريمة الكل لم يعد موجودا كما عدت أنا لا أسكن ذاك الحي، ذاك الحي الذي تربيت و ترعرعت و كبرت بين بيوته فكل البيوت بيت واحد، الفرح واحد، و الحزن واحد.

وصلت إلى ذلك الباب وقفت أتأمل، أحاول أن أدق بابه أتراجع إلى الوراء لحظة ثم أعود لأحاول مرة أخرى، تشجعت و طرقت ذاك الباب مرة و مرتين لكن لا من مجيب، ذرفت دموع اليأس و الخيبة فباب بيتنا لم أستطع إليه الدخول.

و فجأة فتح ذاك الباب ... غمرتني السعادة ... عندها وقفت منتصبة عند الباب أنتظر الإذن للدخول.

فتح باب طفولتي بعدما استأذنته للدخول ... لم أجد منه سوى بقابا ذكريات، فالشجرة العتيقة التي كانت تتوسط المنزل لم تعد كذلك و كأنه بها أصبح مجهول، بحثت فيه عن لعبتي و أغراضي فلم أجد سوى بقايا ذكريات، بحثت عن ذاك الصندوق الذي كان هدية جدي لجدتي يوم زفافهما لم أعد أراه و لم أجد منه إلا بقايا ألواح.

بحثت عن غرفتي مع أخواتي حزنت عليها لأنها لم تعد سوى مطبخا به موقدا و ثلاجة و أواني بعدما كانت غرفة لأفرشتنا و أغراضنا و نومنا.

بحثت عن تلك الساحة التي كانت بها اجتماعاتنا و حتى غذائنا و عشائنا و اليوم لم تعد سوى ذكرى من ذكرياتي.

بحثت عن المطبخ الذي كانت منه تحضر موائدنا و اليوم لم يعد كذلك.

دخلت باب طفولي ... و لم أجد إلا ذرات من بقايا طفولة. دخلت باب طفولتي و لم أجد إلا ذكرياتي، تمنيت للحظة أن يعود الزمن إلى الوراء فتجتمع كل العائلة كما كنا من قبل نضحك و نمرح، نلعب و نلهو، نبكي و نحزن لكن هي الحياة و ظروفها أجبرتني أن لا أعود ساكنة بذلك البيت.

قفلت باب طفولتي و غادرت حاملة معي فقط ذكرياني فهي الوحيدة مؤنستني بعدما لم يعد البيت بيتنا.

الأربعاء في 2010.11.21

الخميس، 18 نوفمبر 2010

عاداتنا في أعيادنا:



نكهة عيد الأضحى في مدينة الأربعاء نكهة خاصة و متميزة بعادات و تقاليد وجدناها فحافظنا عليها توارثناها و لم ننساها، فبعد التحضيرات المسبقة من شراء الأضحية و اللوازم خاصة فيما يتعلق بالتوابل لانها أساس طبخ المأكولات المتميزة في هذا العيد "الدوارة و البوزلوف" .

ذاك اليوم تستيقظ المدينة في وقت مبكر يتسحر الصائمون كما تقوم النسوة باعداد الخبز، و كانت تقام صلاة العيد في السابق في الملعب الرياضي لكل سكان الأربعاء بامام واحد إلا أن الظروف الأمنية جعلت الناس يصلون بالمساجد يذهب الرجال و النساء معا يسبحون و يهللون ، بعد الصلاة يتغافر الجميع ثم يسارعون إلى المنازل لنحر الأضحية .

بعد الوصول إللى المنزل و تغافر أهل البيت، يشرع الآباء في تقبيل الأضحية بمساعدة الأبناء و نحرها و لا عجب إذا وجدت النساء يشاركن في عملية النفخ و السلخ و تعليق الأضحية ، بعدها تقوم النسوة بتحضير المائدة قلي الكبد اضافة الى البطاطا، و السلاطة و أكيد المشروبات الغازية يفطر جميع أفراد العائلة و من ثم تتعاون النسوة في غسل الدوارة و تقطيعها ، و اعداد البوزلوف الذي يتطلب وقتا ، يذهب الرجال إلى الأهل للمغافرة و يأخذون معهم الأطفال أما النساء فتستقبل الضيوف بعد ان تكن طبخن الدوارة و غلي البوزلوف.

بعد يوم شاق على النسوة ينام الكل في انتظار الغد لأنه سيكون يوما مميزا كذلك ينهض الجميع باكرا يقوم الآباء بتقطيع الخروف إلى قطع صغيرة و يقوم الأطفال بمهمة توزيع اللحم على الجيران و الأهل الذين لم يضحوا، و يتكفل آخرون باشعال النار لشواء اللحم ثم تبدأ عملية الشواء التي توارثناها منذ زمن من أهلنا فناس الأربعاء يفطرون صباحا ثاني ايام العيد بالشواء ، كما نحضر في الغداء طبق الكسكسي أو الرشتة و عندنا لا يخرج أحد من الضيوف دون أن يتذوق من أضحية العيد فهي سنة حميدة و متوارثة لكرم و جود أهل الأربعاء.

كما أن معظم الشباب يذهبون إلى جبال الأطلس المتيجي و يأخذون معهم اللحم للشواء على الطبيعة و على الطريقة الأربعائية الخالصة.

الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

لماذا لم أتزوج ؟ !



قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " من استطاع منكم البائة فليتزوج، و من لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء ".
الزواج هو سنة الحياة ونصف الدين، و سلوك اجتماعي أمرنا الله به لحفظ كرامة الجنسين و قبلا هو أساس تواصل الحياة و بقاء النسل.
و يعتبر الإختيار للزواج مرحلة هامة و مهمة من مراحل الزواج بل هي أولها ، و في نفس الوقت أصعبها، و هي عبارة عن انتقاء شريك الحياة من كلا الطرفين، و تأخر سن الزواج في مجتمعنا أصبح واقعا بسبب تعقد الحياة الإجتماعية و كثرة مصاريف هذا الزواج من جهاز العروس و حفلة العرس ...الخ.
و اذا كان الرجل يتأخر في الزواج لأسباب مادية فإن المرأة ليست كذلك لأنها ببساطة لا تستطيع أن تختار لنفسها شريك حياتها فتخطبه بسبب تقاليد و ثقافة المجتمع الجزائري رغم أن الإسلام لم يمنع هذا فأمنا خديجة رضي الله عنها خطبت لنفسها سيد المرسلين محمدا لما رأت فيه من صفات و أخلاق.
منذ رمضان الماضي و أنا أود أن أطرح هذا الموضوع و لم أوفق حتى اليوم بسبب صراعاتي الداخلية حول فهم القراء للموضوع و لكني تشجعت أخيرا و انتصرت.
فعندما بثت قنوات فضائية عديدة مسلسل " عايزة اتجوز " تابعت النسوة بشغف لتعلقها أو لمعاناتها الحقيقية من أمر الزواج لأن نسبة العنوسة في بلادنا كبيرة فرغم أني لست هاوية مسلسلات و لم أتابع المسلسل إطلاقا إلا أن الفكرة استهوتني خاصة و أنها كانت عبارة عن كتاب للمدونة " غادة عبد العال " لكن أنا لن أقول لكم " عايزة اتجوز " و لكن أريد أن أقول " لماذا لم أتزوج ؟ ! " فكل امرأة تفكر مثلي ستقول لكم على لساني لماذا؟
ان العبارات التي تتردد على مسامع البنات دائما من الجدات أو الأمهات، أو حتى الأخوات الأكبر سنا : باللغة الشعبية الخالصة " وعلاه يا بنتي ما قبلتيش راكي تكبري ماراكيش تصغاري "، " شوفي فلانة صغيرة عليك راها تربي في زوج دراري "، " يا بنتي الراجل ليزار الباب "، " الزواج سترة "، " تزوجي باه تلقاي ولادك لعقوبتك " ... الخ و التي عن نفسي لا أحب سماعها لأنني أعتبر الزواج مسؤولية كبرى على عاتق كل امرأة و رجل على حد سواء، و لأني لم أجد بعد الرجل الذي أختاره شريكا لبقية حياتي و أأتمنه عليها كما أني لم أندم أبدا على أي شخص تقدم لي ورفضته_ لا تظنوا أني قد بلغت سن اليأس فأنا شابة في ربيع العمر لم أقطف منه إلا زهرات _.
ان الإسلام يحث على الزواج بذات الدين و فضله على الحسب و النسب و الجمال و المال للرجل و المرأة، لكن اذا كان الدين هو بأركانه الخمسة فقط فما فائدة هذه الأركان في العلاقة الزوجية اذا كان الرجل لا يتمتع بأخلاق البيت الزوجية ، و لكل منا نفهومه الخاص لهذا المصطلح لكن من تفكر مثلي ستقول لكم أن الأخلاق ضرورة حتمية بعد الأركان الخمسة و التي تتمثل في حسن معاملة الزوج للزوجة فنجد في المناطقة المحافظة ( العروبية) أن الرجل هو رب البيت و لا كلام يعلو فوق كلامه، لا حواربين أفراد الأسرة حتى في المشي يسبق الرجل ثم تليه المرأة و لا يمكن ابدا أن يتساويان و من ثم يرددون " الرجال قوامون على النساء " أنا لم أقل غير ذلك لكن اذا كنت سأعيش مع رجل لا أعرف ما في جيبه أو عقله فأنا أعيش مع أبي و أخي و ما الفائدة من أن أتزوج.
اذا واجهت مشكلة في هذا الزواج فالحق مع الرجل مهما كان الأمر و الطلاق مرفوض، و الحوار الذي يحل المشاكل غير معترف به فما الداعي للزواج اذن. و الرجل عادة في هذه المناطق يشبع حاجيات المرأة المادية دون الروحية يأتي لها بالأكل و اللباس و ينسى عنصر مهم في الحياة ( التسلية و الترفيه، اللعب و الضحك ) فتتعب المرأة نفسيا فهي لا تجد من يسمعها بعد معاناة اليوم من الأشغال المنزلية ، فما الداعي اذن لأن أتزوج حتى أعاني أمراضا نفسية.
كما أن المرأة في هذه الأسر غالبا ما تجدها في عالم مغلق منعزل لا تعرف مايدور حولها فان حدث و مات زوجها لن تعرف حتى طريق البلدية لاستخراج الوثائق هذا ان سمح لها. اذن فما الداعي لأن أتزوج.
أما عن المناطق المتحضرة فالرجل عنده الحرية المطلقة في الدخول و الخروج فلا يدخل البيت إلا نادرا و أحيانا لا يرى أطفاله لأنه تركهم نائمين عاد فوجدهم كذلك ( يديه الليل و يجيبوا الليل ) و يترك المسؤولية كلها على عاتق المرأة هي من تخرج للتسوق، هي من تطبخ، هي من توصل الأطفال إلى المدرسة، هي المسؤولة عن مصروف البيت و كأنه يقول لها " هنيني برك " ، اذا كان هذا هو الرجل فما الداعي لأن أتزوج اذا كنت سأكون المرأة و الرجل في نفس الوقت.
الرجل في هذه المناطق كذلك لا يتصرف كرب بيت فيأخذ زوجته و أطفاله إلى بيت الجدة من الأم لأسابيع إذا ضاق به الأمر، و عادة يتربى الأطفال في بيت الجدة خاصة إذا كانت الأم عاملة فيرتبطون بالخالة و الجدة أكثر من ارتباطهم بالأم و الأب . اذن إذا كان أطفالي سيفضلون الخالة فأنا خالة و يحبني أولاد أختي و ما الداعي لأن أتزوج.
و الرجل كذلك في هذه المناطق له خليلات يصاحبهن ( لا للتعميم ) فاذا كان للرجل صديقات و عشيقات فما الداعي لأن أكون زوجة هذا الرجل.
ربما سيلقى كلامي هذا معارضة كبيرة من طرف الرجال لكن هو شعور أو بالأحرى هو تساؤلات المرأة دائما لما تراه من حولها و التي لم تجد الاختيار المناسب فهذا الشريك سيكمل معها مشوار الحياة و تتقاسم فيه معاني الحياة الحلوة و المرة، قد تكون هذه الأسباب على الهامش لكن السبب الرئيسي هو أننا لم نعد نجد رجالا حقيقيين نأتمنهم على حياتنا .
: و لن أجد أحسن مما قالته أحلام مستغانمي في كتابها " نسيان كوم " لأبين لكم :
" من قال أننا نهجس بتلك الفحولة التي تباع في الصيدليات أو تلك الذكورة النافشة ريشها التي تفتح أزرار قمصانها لكي تبدو السلاسل الذهبية الضخمة و مافاض من غابات الشعر و تضع في أصابعها خواتم بأحجار لافتة للنظر، رجولة الساعات الثمينة و السيجار الفخم التي تشهر أناقتها و عطرها و موديل سيارتها و ماركة جوالها كي تشي بفتوحاتها السابقة و تغرينا للانضمام إلى قائمة ضحاياها.
مانريده من الرجال لا يباع و لا يمكن للصين و لا لتايلاند أن تقوم بتقليدهو اغراق الأسواق ببضاعة رجالية تفي بحاجات النساء العربيات.
ذلك أن الشهامة و الفروسية و الأنفة و بهاء الوقار و نبل الأخلاق و اغراء التقوى و النخوة و الإخلاص و الترفع عن الأذى و ستر الأمانة العاطفية و السخاء العشقي الموجع في اغداقه و الإستعداد للذود عن الشرف.تلك خصال ليست للبيع."
( سننتظر طويلا حتى نجد هؤلاء الرجال ).

فالسعادة تكمن في تقاسم الأدوار لكل طرف دوره الخاص به فالمرأة مرأة و الرجل رجلا، و لا عيب أن يساعد الرجل المرأة ، و لا عيب أن تساعد المرأة الرجل ، فالزواج مؤسسة تكامل لا تصلح باحدى الطرفين فهي خلقت لاثنين " و جعلنا من كل شيء اثنين" و لا تصلح كذلك لأن يقدم واحد أكثر من الآخر فيتعب و تنتهي صلاحيته فهي كما تسمى في عصرنا " معاهدة إلى الأبد "و اذا وضعت الشروط و احترمت دامت المعاهدة و اذا غابت و لم تحترم انتقضت المعاهدة.
و ما نصوص هذه المعاهدة إلا الحب و التعاون و الحوار ، و الراحة النفسية و اشباع الحاجات البيولوجية، و بما أن الله جعل للمرأة رجلا واحدا فهذا دليل قاطع على أن هذا الرجل يكفيها لبقية حياتها اذا حافظ عليها و حماها .
و حتى لا أكون متشائمة أو بالأحرى حتى لا يتهمني الرجال بالتشائم فان الكثير من النساء تلاقين في مشوار حياتهن رجالا تتمنى أن تكون زوجتهن لما ترى فيهم من صفات و أخلاق حميدة لكن لا تستطيع فعل ذلك لانه محرم باسم العادات و التقاليد في المجتمع الجزائري عكس الرجل الذي بامكانه الإختيار فلذلك تبقى أحيانا بلا زواج لأنها لم تجد الاختيار الذي تريد..


الأحد، 7 نوفمبر 2010

فصل الشتاء قادم ... احذروا؟

ما ان يحل فصل الشتاء تتفاقم أزمات الطرقات في بلادنا و تصبح في مرحلة الإنعاش، فإذا كان الماء هو نعمة الحياة و أزمة العصر فإننا في الجزائر لا نعاني نقصا مادمنا نتشبع منع في فصل الشتاء ليس بملأ السدود و إنما في الأزقة و الأحياء و حتى في البيوت، فما ان ترسل السماء المطر تنفجر الأرض بركا و مستنقعات ووديانا لا تجد أين تصب غضبها إلا في الطرقات.

عندها تتحول المدن إلى أشباه مدن فقنوات الصرف الصحي الموجودة مغلقة ، و الطرق كارثة بسبب الأشغال و كأن مديرية الأشغال العمومية لا تشتغل إلا في فصل الشتاء لتنغص حياة المواطن حتى اصلاح الطرقات، و ادخال الغاز الطبيعي للبيوت، و اصلاح قنوات المياه الصالحة للشرب أصبح من العادات السيئة في هذا الفصل.

إذا كان هذا حال المدن الكبرى فما هو حال المناطق الداخلية التي تتميزبانعدام الحياة في فصل الشتاء لأنه يتسبب في غلق المدارس و انقطاع الأطفال عن الدراسة لأن الطرق المؤدية لا تصلح في هذه الأوقات من السنة و سائق حافلة النقل المدرسي لا يجرأ على القدوم، حتى الوديان الراكدة تنفجر غضبا و تمنع المواطنين من العبور عبرها لقضاء حاجياته اليومية مما يجعلهم في بيئة منعزلة.

تعد اليابان منطقة زلزالية لكن حتى زلزال بقوة 6° أو 7° على سلم ريختير لا يتسبب إلا في بعض الأضرار المادية في كثير من الأحيان بسيطة، أما في بلادنا فموسم الشتاء يجلب معه الكثير من المآسي أضرار مادية و بشرية لماذا يا ترى هذا الفرق؟

صنعت اليابان معجزاتها بعقلها رغم أنها بلد زلزالي أما نحن فتصنع كوارثنا من سياسيينا و إداريينا و مسؤولينا لأنهم أصلا بلا روح مسؤولية تجاه هذا الوطن الذي يزخر بالخيرات التي تصدر حتى دون تكريرها.

ألم يحن الوقت بعد لأن ننهض ببلادنا و ننتفض على من يسيرنا و يقودنا إلى شر المستنقعات لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

الغيورة على وطنها

شجون

الجزائر في 07/11/2010