الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

لماذا لم أتزوج ؟ !



قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " من استطاع منكم البائة فليتزوج، و من لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء ".
الزواج هو سنة الحياة ونصف الدين، و سلوك اجتماعي أمرنا الله به لحفظ كرامة الجنسين و قبلا هو أساس تواصل الحياة و بقاء النسل.
و يعتبر الإختيار للزواج مرحلة هامة و مهمة من مراحل الزواج بل هي أولها ، و في نفس الوقت أصعبها، و هي عبارة عن انتقاء شريك الحياة من كلا الطرفين، و تأخر سن الزواج في مجتمعنا أصبح واقعا بسبب تعقد الحياة الإجتماعية و كثرة مصاريف هذا الزواج من جهاز العروس و حفلة العرس ...الخ.
و اذا كان الرجل يتأخر في الزواج لأسباب مادية فإن المرأة ليست كذلك لأنها ببساطة لا تستطيع أن تختار لنفسها شريك حياتها فتخطبه بسبب تقاليد و ثقافة المجتمع الجزائري رغم أن الإسلام لم يمنع هذا فأمنا خديجة رضي الله عنها خطبت لنفسها سيد المرسلين محمدا لما رأت فيه من صفات و أخلاق.
منذ رمضان الماضي و أنا أود أن أطرح هذا الموضوع و لم أوفق حتى اليوم بسبب صراعاتي الداخلية حول فهم القراء للموضوع و لكني تشجعت أخيرا و انتصرت.
فعندما بثت قنوات فضائية عديدة مسلسل " عايزة اتجوز " تابعت النسوة بشغف لتعلقها أو لمعاناتها الحقيقية من أمر الزواج لأن نسبة العنوسة في بلادنا كبيرة فرغم أني لست هاوية مسلسلات و لم أتابع المسلسل إطلاقا إلا أن الفكرة استهوتني خاصة و أنها كانت عبارة عن كتاب للمدونة " غادة عبد العال " لكن أنا لن أقول لكم " عايزة اتجوز " و لكن أريد أن أقول " لماذا لم أتزوج ؟ ! " فكل امرأة تفكر مثلي ستقول لكم على لساني لماذا؟
ان العبارات التي تتردد على مسامع البنات دائما من الجدات أو الأمهات، أو حتى الأخوات الأكبر سنا : باللغة الشعبية الخالصة " وعلاه يا بنتي ما قبلتيش راكي تكبري ماراكيش تصغاري "، " شوفي فلانة صغيرة عليك راها تربي في زوج دراري "، " يا بنتي الراجل ليزار الباب "، " الزواج سترة "، " تزوجي باه تلقاي ولادك لعقوبتك " ... الخ و التي عن نفسي لا أحب سماعها لأنني أعتبر الزواج مسؤولية كبرى على عاتق كل امرأة و رجل على حد سواء، و لأني لم أجد بعد الرجل الذي أختاره شريكا لبقية حياتي و أأتمنه عليها كما أني لم أندم أبدا على أي شخص تقدم لي ورفضته_ لا تظنوا أني قد بلغت سن اليأس فأنا شابة في ربيع العمر لم أقطف منه إلا زهرات _.
ان الإسلام يحث على الزواج بذات الدين و فضله على الحسب و النسب و الجمال و المال للرجل و المرأة، لكن اذا كان الدين هو بأركانه الخمسة فقط فما فائدة هذه الأركان في العلاقة الزوجية اذا كان الرجل لا يتمتع بأخلاق البيت الزوجية ، و لكل منا نفهومه الخاص لهذا المصطلح لكن من تفكر مثلي ستقول لكم أن الأخلاق ضرورة حتمية بعد الأركان الخمسة و التي تتمثل في حسن معاملة الزوج للزوجة فنجد في المناطقة المحافظة ( العروبية) أن الرجل هو رب البيت و لا كلام يعلو فوق كلامه، لا حواربين أفراد الأسرة حتى في المشي يسبق الرجل ثم تليه المرأة و لا يمكن ابدا أن يتساويان و من ثم يرددون " الرجال قوامون على النساء " أنا لم أقل غير ذلك لكن اذا كنت سأعيش مع رجل لا أعرف ما في جيبه أو عقله فأنا أعيش مع أبي و أخي و ما الفائدة من أن أتزوج.
اذا واجهت مشكلة في هذا الزواج فالحق مع الرجل مهما كان الأمر و الطلاق مرفوض، و الحوار الذي يحل المشاكل غير معترف به فما الداعي للزواج اذن. و الرجل عادة في هذه المناطق يشبع حاجيات المرأة المادية دون الروحية يأتي لها بالأكل و اللباس و ينسى عنصر مهم في الحياة ( التسلية و الترفيه، اللعب و الضحك ) فتتعب المرأة نفسيا فهي لا تجد من يسمعها بعد معاناة اليوم من الأشغال المنزلية ، فما الداعي اذن لأن أتزوج حتى أعاني أمراضا نفسية.
كما أن المرأة في هذه الأسر غالبا ما تجدها في عالم مغلق منعزل لا تعرف مايدور حولها فان حدث و مات زوجها لن تعرف حتى طريق البلدية لاستخراج الوثائق هذا ان سمح لها. اذن فما الداعي لأن أتزوج.
أما عن المناطق المتحضرة فالرجل عنده الحرية المطلقة في الدخول و الخروج فلا يدخل البيت إلا نادرا و أحيانا لا يرى أطفاله لأنه تركهم نائمين عاد فوجدهم كذلك ( يديه الليل و يجيبوا الليل ) و يترك المسؤولية كلها على عاتق المرأة هي من تخرج للتسوق، هي من تطبخ، هي من توصل الأطفال إلى المدرسة، هي المسؤولة عن مصروف البيت و كأنه يقول لها " هنيني برك " ، اذا كان هذا هو الرجل فما الداعي لأن أتزوج اذا كنت سأكون المرأة و الرجل في نفس الوقت.
الرجل في هذه المناطق كذلك لا يتصرف كرب بيت فيأخذ زوجته و أطفاله إلى بيت الجدة من الأم لأسابيع إذا ضاق به الأمر، و عادة يتربى الأطفال في بيت الجدة خاصة إذا كانت الأم عاملة فيرتبطون بالخالة و الجدة أكثر من ارتباطهم بالأم و الأب . اذن إذا كان أطفالي سيفضلون الخالة فأنا خالة و يحبني أولاد أختي و ما الداعي لأن أتزوج.
و الرجل كذلك في هذه المناطق له خليلات يصاحبهن ( لا للتعميم ) فاذا كان للرجل صديقات و عشيقات فما الداعي لأن أكون زوجة هذا الرجل.
ربما سيلقى كلامي هذا معارضة كبيرة من طرف الرجال لكن هو شعور أو بالأحرى هو تساؤلات المرأة دائما لما تراه من حولها و التي لم تجد الاختيار المناسب فهذا الشريك سيكمل معها مشوار الحياة و تتقاسم فيه معاني الحياة الحلوة و المرة، قد تكون هذه الأسباب على الهامش لكن السبب الرئيسي هو أننا لم نعد نجد رجالا حقيقيين نأتمنهم على حياتنا .
: و لن أجد أحسن مما قالته أحلام مستغانمي في كتابها " نسيان كوم " لأبين لكم :
" من قال أننا نهجس بتلك الفحولة التي تباع في الصيدليات أو تلك الذكورة النافشة ريشها التي تفتح أزرار قمصانها لكي تبدو السلاسل الذهبية الضخمة و مافاض من غابات الشعر و تضع في أصابعها خواتم بأحجار لافتة للنظر، رجولة الساعات الثمينة و السيجار الفخم التي تشهر أناقتها و عطرها و موديل سيارتها و ماركة جوالها كي تشي بفتوحاتها السابقة و تغرينا للانضمام إلى قائمة ضحاياها.
مانريده من الرجال لا يباع و لا يمكن للصين و لا لتايلاند أن تقوم بتقليدهو اغراق الأسواق ببضاعة رجالية تفي بحاجات النساء العربيات.
ذلك أن الشهامة و الفروسية و الأنفة و بهاء الوقار و نبل الأخلاق و اغراء التقوى و النخوة و الإخلاص و الترفع عن الأذى و ستر الأمانة العاطفية و السخاء العشقي الموجع في اغداقه و الإستعداد للذود عن الشرف.تلك خصال ليست للبيع."
( سننتظر طويلا حتى نجد هؤلاء الرجال ).

فالسعادة تكمن في تقاسم الأدوار لكل طرف دوره الخاص به فالمرأة مرأة و الرجل رجلا، و لا عيب أن يساعد الرجل المرأة ، و لا عيب أن تساعد المرأة الرجل ، فالزواج مؤسسة تكامل لا تصلح باحدى الطرفين فهي خلقت لاثنين " و جعلنا من كل شيء اثنين" و لا تصلح كذلك لأن يقدم واحد أكثر من الآخر فيتعب و تنتهي صلاحيته فهي كما تسمى في عصرنا " معاهدة إلى الأبد "و اذا وضعت الشروط و احترمت دامت المعاهدة و اذا غابت و لم تحترم انتقضت المعاهدة.
و ما نصوص هذه المعاهدة إلا الحب و التعاون و الحوار ، و الراحة النفسية و اشباع الحاجات البيولوجية، و بما أن الله جعل للمرأة رجلا واحدا فهذا دليل قاطع على أن هذا الرجل يكفيها لبقية حياتها اذا حافظ عليها و حماها .
و حتى لا أكون متشائمة أو بالأحرى حتى لا يتهمني الرجال بالتشائم فان الكثير من النساء تلاقين في مشوار حياتهن رجالا تتمنى أن تكون زوجتهن لما ترى فيهم من صفات و أخلاق حميدة لكن لا تستطيع فعل ذلك لانه محرم باسم العادات و التقاليد في المجتمع الجزائري عكس الرجل الذي بامكانه الإختيار فلذلك تبقى أحيانا بلا زواج لأنها لم تجد الاختيار الذي تريد..


8 التعليقات:

قويدر أوهيب يقول...

منذ رمضان الماضي و أنا أود أن أطرح هذا الموضوع و لم أوفق حتى اليوم بسبب صراعاتي الداخلية حول فهم القراء للموضوع و لكني تشجعت أخيرا و انتصرت.
ـــــــــــ
تعجبني شجاعتك في طرح المواضيع.

تمت المشاركة في صفحتي على الفيس بوك.

ايمان يقول...

اكثر ما اعجبني هو النعوان ، لماذا لم اتزوج؟
فعلا الزواج مسؤولية ، ولا يجب ان يكون هدفا في حد ذاته فقط لارضاء الاسرة .
من جانب اخر يبدو لي ان المتسبب الوحيد في المشاكل التي ذكرتها في التدوينة هو غياب الوسطية ، فاما ان تخنق المراة تماما وتحرم ابسط الحقوق ، واما ان تفرض عليها امور اكبر من طاقتها ، وفي كلتا الحالتين الامر لراجع لفياب الوسطية.

كما لا انسى ان اذكر ان بعض النساء تعجبهن هذه الاوضاع وهذا لا مجال لانكاره.
سلمت يمناك.

شجون يقول...

شكرا توفيق

شجون يقول...

نعم ايمان الوسطية غائبة في المجتمع الجزائري.شكرا على مرورك

غير معرف يقول...

مع أنك قد أغلقت جميع المنافذ المؤدية الى تساؤلات أخرى غير أن الأمر ليس سوداويا لهذا الحد و رغم ما يقال في كون الجزائري -ذكرانا و إناثا- لا يرى الا البياض وحده أو السواد وحده ، نجد الكثير من الزواج الناجح و اذا ما عد بالمقارنة مع الزواج الفاشل سيكون متجاوزا له بنسب مئوية مرتفعة ، غير أن أسباب الفشل و ان تعددت فهي ترجع في الاساس الى الاختيار حيث نجد في معظم الزيجات التي تتم فوارق رهيبة ثقافية اجتماعية و مادية ، فما أحوجنا الى تطبيق الحكمة القائلة : ان الطيور على أشكالها تقع.
و لا يزال الموضوع في حاجة الى استفاضة اكبر.
شكرا على اثارة الموضوع.
خالص التقدير.
عيسى بن محمود

شجون يقول...

شكرا الاستاذ عيسى على المرور تحياتي

أمينة سمير يقول...

فكرة المقال عامة أوافقك فيها ..
وطبعا لو تحلى الناس بما أمر به الإسلام لما كان هذا وضعنا.
فالطلاق في الإسلام مباح وليس حرام كما يصوره البعض
والرسول صى الله عليه وسلم عندما أتت إحدى الصحابيات تستشيره في خاطبين لها ذم أحدهما لأنه لا يضع العصا عن عاتفه ( أي يضرب )
والرسول كان يأخذ برأي النساء كفعله مع أم سلمة -رضي الله عنها - يوم الحديبية وكان يخدم أهله في بيته مع أن نساءه رضي الله عنهن لم ينجبن فلم يكن لهن أطفال يشغلونهن !!!!
وهكذا

حقيقة أختي لدي نفس النظرة للمجتمعات العربية لكني أرى الكثير من الأمثلة الرائعة حولي وأرى الكثير من النساء المتسلطات على أزواجهن ويدعين عكس ذلك.

على العموم
رزق الله بنات المسلمين أزواجا صالحين ورزق الله أبناء المسلمين زوجات صالحات

شجون يقول...

شكرا على تواصلك عزيزتي .أتمنى أن أتعرف عليك أكثر من خلال التدوين

إرسال تعليق