الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

ماذا لو يعيد شباب اليوم معارضة مثل معارضة 05 أكتوبر 1988 ؟


في ظل تأزم الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية في عهد الرئيس " الشاذلي بن جديد " خرج الآلاف من الشباب الجزائري بكل أطيافه واتجاهاته المختلفة في العاصمة قادمين من مختلف الأحياء الشعبية الجزائرية مرددين شعارات مختلفة تصب كلها في قالب واحد هو السخط و المعارضة للواقع الإجتماعي و السياسي المعاش، و جاءت هذه الأحداث عفوية دون تخطيط اذ قام الشباب بمسيرات مختلفة حاول الأمن ايقافها إلا أنها استمرت بأكثر عنفا و شمولا لأرجاء الوطن في اليوم الموالي – الخامس من أكتوبر – فقاموا بحرق المنشآت الحكومية و المؤسسات العمومية، و تحطيم المحلات التجارية التابعة للدولة مثل الأروقة الجزائرية، و أسواق الفلاح، و كل ما يرمز للدولة تعبيرا عن سخطهم ورفضهم للسياسة الداخلية للبلاد معتبرين أنها عاجزة و فاشلة و غير صالحة ما أدى بالأمن إلى فرض حضر التجوال، و كان من نتائجها هلاك العديد من الشباب في هذه المظاهرات مما زاد من تعقد الأزمة كما ظهرت على الساحة الجزائرية بعض التيارات تنادي بتغيير الأوضاع و سقوط النظام، و تعدد الأحزاب بدل من هيمنة الحزب الواحد .

و اليوم و مع كل التطورات التي يشهدها العالم على كل الأصعدة و الأحداث المتسارعة ، و بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة و تميز العصر بالسرعة في ظل التكنولوجيا الحديثة بات الشباب الجزائري أكثر معارضة من ذي قبل لواقعهم الاجتماعي و السياسي و الثقافي و الاقتصادي و حتى الديني، و ما مر على الجزائر من أحداث في العشرية السوداء جعلت منهم أكثر سخطا لواقع لم يريدوه أن يكون كذلك.

هذا ما دفعني للسؤال ماذا لو أتيحت الفرصة أما شباب اليوم لمعارضة مثل تلك التي وقعت في أكتوبر من سنة 1988 ؟ أدركت حينها أنها ستكون أكثر حدة و أشد عنفا.

إن الجزائر بلد النفط و الخيرات لكن المعاناة كبيرة و على كل الأصعدة رغم الديناميكية الإجتماعية التي تعرفها فأضحى الشباب أكثر معاناة بسبب عجزه على التعبير ، و حتى على اشباع حاجياته المادية و الاجتماعية و النفسية ما جعله يعاني أزمات عديدة و هو واقف مسلوب الإرادة لا يستطيع أن يغير شيئا من واقعه.

و ان كان مفهوم المعارضة لا يقتصر فقط على ثورة الشارع أو تنظيم مسيرات بل ان مفهومها اليوم أصبح ذو أشكال متعددة من هذه الأشكال:

Ø الهجرة غير الشرعية و التي أضحت تؤدي بهلاك الكثير من الشباب الجزائري شكل من أشكال المعارضة على الوضع المتعفن بالبلاد و الهروب من هذه الأوضاع لفقدانه الانسجام مع المجتمع و البحث عن نسق اجتماعي جديد بمعطيات جديدة.

Ø الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد من سوء التسيير و الاستغلال و ضعف الدخل الفردي أثرت سلبا على مظاهر الحياة الاجتماعية.

Ø عدم اشراك الشباب في حركة التغيير ما جعل الشباب يحسون بالإغتراب تجاه الوطن و الإحساس بعدم الإنتماء حتى ألى الأسرة التي يعيشون فيها لأنها تقف في كثير من الأحيان ضد حاجياتهم.

Ø البطالة و التي باتت الشبح الأسود الذي يتخبط فيه شباب اليوم حتى ذو الشهادات العليا بسبب السيدة البيروقراطية التي تفرض نفسها على الواقع الإجتماعي ما يجعل الشباب معارضا لسياسة الإدارة التي تتميز بالمحسوبية.

Ø عدم مشاركة الشباب في الحياة السياسية لأنها حسبهم لا تخرجهم من النفق المظلم الذي يتخبطون فيه ما يجعلهم معارضين لسياسة الدولة دون المشاركة فيها.

Ø العزوف عن الزواج و ارتفاع معدل سن الزواج بسبب المشاكل الاجتماعية كذلك شكل من اشكال المعارضة.

Ø جلوس الشباب لمدة طويلة في المقاهي و على الطرقات و عدم المشاركة في نشاطات شبانبة مشروعة شكل من اشكال المعارضة .

Ø اللجوء الى الانحراف بشتى انواعه : المخدرات السرقة العنف التحرش الجنسي المعاكسات ...الخ شكل من اشكال المعارضة و سخط على النظام الاجتماعي المتسبب في انحرافه.

Ø التدين في اوساط الشباب مظهريا فيه اشارة الى انتشار الفساد وزوال الأخلاق فيرون أن الدين هو الحل للرجوع الى الفضيلة و السير الى مجتمع تسوده الأخلاق الدينية .

Ø عدم الاعتراف بالأحزاب السياسية لهيمنة الحزب الواحد على السلطة مقتنعين أنه لا جديد يذكر على صعيد حزب المسؤول الأول و اعتبار الحزب الوحيد هو الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

Ø عدم ممارسة حق المواطنة بشكل طبيعي و فعّال و رسوخ عقلية "تخطي راسي" شكل من أشكال المعارضة.

انه مهما تعددت هذه الأشكال تبقى معارضة لواقع اجتماعي سيء يمر به الشباب الجزائري و لو خرجت هاته الأشكال إلى الشارع لأصبحت ثورة العصر في بلد مر و لازال يمر بأصعب المراحل.

3 التعليقات:

غير معرف يقول...

كأنه قدر على الشعب الجزائري أن يعيش كل جيل منه متعبة ما بدءا بجيل الثورة ، حرب الرمال مع الاشقاء ، احداث أكتوبر، العشرية الحمراء ،
لكن التاريخ لا يعيد نفسه في نفس المكان و نفس الاحداث و الكيفية ، لقد صدر الشباب الجزائري الرفض الى الشباب الصيني - احداث ربيع الصين- و غيرها من البلدان ، قد تكون أحداث سيدي بوزيد بتونس أخر تجلياتها،
لكن هذا الشعب الذي كثيرا ما زرع قليلا ما حصد ، ان لم نقل أنه لايحسن الحصاد أصلا ، إن جيلا قام بثورة نوفمبر لخليق به قيادة الامم حاليا ، لكن لم يتأت له،
و ان جيلا أحدث أكتوبر لهو أهل للعيش في كنف الطمأنينة و الرخاء و الديمقراطية ، لكن هل ترى ذلك حصل ، أم أنه لا يزال يركب الحرقة هروبا من الحقرة ؟
لقد أجاب مقالك على كثير من التساؤلات المطروحة لا سيما للجيل الذي أتى بعد اكتوبر ، أما الذين صنعوه فهم يتحسرون على ذلك كحدث وقع ذات أكتوبر من التاريخ فحسب.

عيسى بن محمود

غير معرف يقول...

لو استطعت ان اهاجر بطريقة شرعية مع تقديم بعض الضمانات لقمت بذلك ولقمت بطلب اللجوء في تلك الدولة وربما تحصلت على حقوفي بدلا من التسكع في بلادي الغاليةمع تحيات رفيق العمر

Unknown يقول...

الوضعية الحالية خلقت أحداث يومية تشبه تلك الأحداث فالعنف أصبح في كل مكان ويطغى على كل تعاملاتنا، الفرق الوحيد أن عنفنا اليوم بدون عنوان وبلا هدف أو غاية.. فقط هو وليد تلك المكبوتات والفساد السياسي الذي أنتن حياتنا

إرسال تعليق